من وراء اختطاف الطفل رضا في السيدة زينب

اختطاف الطفل رضا في السيدة زينب : حادثة شغلت الرأي العام

اختطاف الطفل رضا في السيدة زينب
اختطاف الطفل رضا في السيدة زينب

فِي قَلْبِ السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ، حَيْثُ تَنْبِضُ الْحَيَاةُ فِي كُلِّ زُقَاقٍ، تَغْتَسِلُ الْأَحْلَامُ فِي وَاقِعٍ قَاسٍ. تَحَوَّلَتْ جَرِيمَةُ اخْتِطَافِ الطِّفْلِ رِضَا إِلَى قَصَّةٍ أَثَارَتِ الرَّأْيَ الْعَامَّ. مَنْ هُوَ الْجَانِي؟ وَمَا هِيَ دَوَافِعُهُ؟ قِصَّةٌ مَلِيئَةٌ بِالْإِثَارَةِ وَالتَّشْوِيقِ… ابْقُوا مَعَنَا لِكِشْفِ الْحَقَائِقِ.

فِي زُقَاقٍ ضَيِّقٍ بِحَيِّ السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ، كَانَ الطِّفْلُ رِضَا يَعِيشُ حَيَاةً بَسِيطَةً مَعَ عَائِلَتِهِ. وَالِدُهُ، الْبَائِعُ الْمُتَجَوِّلُ، وَوَالِدَتُهُ، الْمُكَرَّسَةُ لِرِعَايَةِ الْأَسْرَةِ، كَانَا يَحْلُمَانِ بِمُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلَ لِأَطْفَالِهِمَا.
رِضَا، بِشَعْرِهِ الْمُجَعَّدِ وَعَيْنَيْهِ الْبَرِيئَتَيْنِ، كَانَ مَحْبُوبًا مِنَ الْجَمِيعِ.

فِي يَوْمٍ مَشْؤُومٍ، طَلَبَتْ وَالِدَتُهُ مِنْهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْضَ الْحَاجِيَاتِ مِنْ الْبَقَّالَةِ الْقَرِيبَةِ. خَرَجَ رِضَا بَاسِمًا، وَلَمْ يَعُدْ أَبَدًا… مُحَوِّلًا حَيَاةَ عَائِلَتِهِ إِلَى كَابُوسٍ.

عِنْدَمَا تَأَخَّرَ رِضَا، خَرَجَتْ وَالِدَتُهُ تَبْحَثُ عَنْهُ. طَرَقَتْ أَبْوَابَ الْجِيرَانِ وَسَأَلَتْ الْبَائِعَ، لَكِنَّ الْجَوَابَ كَانَ صَادِمًا: رِضَا غَادَرَ الْبَقَّالَةَ وَلَمْ يُرَاهُ أَحَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ.

عَثَرَ أَحَدُ الْجِيرَانِ عَلَى دُمْيَةٍ صَغِيرَةٍ تَخُصُّ رِضَا، مَلْقَاةً عَلَى الْأَرْضِ. كَانَتْ هَذِهِ الدُّمْيَةُ بَدَايَةَ لُغْزٍ مُرَوِّعٍ.

مَعَ اسْتِمْرَارِ التَّحْقِيقَاتِ، تَرَكَّزَتِ الشُّكُوكُ عَلَى الشَّابِّ سَعِيدِ الْفُولِي ، وَهُوَ بَائِعٌ مُتَجَوِّلٌ كَانَ يَعْمَلُ فِي الْمِنْطَقَةِ. شُهُودُ الْعِيَانِ أَكَّدُوا أَنَّهُ كَانَ يُرَاقِبُ رِضَا وَأَصْدِقَاءَهُ أَثْنَاءَ لَعِبِهِمْ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي سَبَقَتِ الِاخْتِطَافَ.
سَعِيدٌ تَمَّ اعْتِقَالُهُ وَالتَّحْقِيقُ مَعَهُ لِسَاعَاتٍ طَوِيلَةٍ. تَحْتَ ضَغْطِ الِاسْتِجْوَابِ، اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ بِضَائِقَةٍ مَالِيَّةٍ شَدِيدَةٍ بِسَبَبِ دُيُونٍ مُتَرَاكِمَةٍ عَلَيْهِ مِنْ صَفَقَاتٍ تِجَارِيَّةٍ فَاشِلَةٍ. لَكِنَّهُ أَنْكَرَ تَوَرُّطَهُ فِي الْجَرِيمَةِ، مُصِرًّا أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي مَكَانٍ آخَرَ وَقْتَ الِاخْتِطَافِ.

الشُّرْطَةُ عَثَرَتْ فِي غُرْفَتِهِ عَلَى مُذَكَّرَةٍ تَحْتَوِي عَلَى مُلَاحَظَاتٍ غَامِضَةٍ عَنْ ‘طِفْلٍ صَغِيرٍ’، مِمَّا أَثَارَ الرِّيَبَةَ بِشَكْلٍ أَكْبَرَ. لَكِنَّ سَعِيدًا أَصَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْمُذَكَّرَةَ تَتَعَلَّقُ بِخُطَطِ عَمَلِهِ كَبَائِعٍ مُتَجَوِّلٍ، وَلَيْسَ لَهَا عَلاقَةٌ بِاخْتِطَافِ رِضَا.

وَفِي اللَّحْظَةِ الَّتِي بَدَا فِيهَا أَنَّ الْقَضِيَّةَ سَتُغْلَقُ بِاعْتِقَالِ سَعِيدٍ، ظَهَرَتْ نُقْطَةُ تَحَوُّلٍ دِرَامِيَّةٍ. أَثْنَاءَ مُرَاجَعَةِ كَامِيرَا مُرَاقَبَةٍ قَدِيمَةٍ مُثَبَّتَةٍ فِي مَحَلٍّ تِجَارِيٍّ قَرِيبٍ، اكْتُشِفَ تَسْجِيلٌ لِسَيَّارَةٍ سَوْدَاءِ مَشْبُوهَةٍ تَوَقَّفَتْ بِالْقُرْبِ مِنْ مَوْقِعِ الْجَرِيمَةِ فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لِلِاخْتِطَافِ.

الشُّرْطَةُ تَتَبَّعَتِ السَّيَّارَةَ لِتَصِلَ إِلَى حَسَنِ أَبُو الْعِزِّ ، وَهُوَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ بِتَارِيخِهِ الْإِجْرَامِيِّ فِي الْمِنْطَقَةِ، خَاصَّةً فِي قَضَايَا الِابْتِزَازِ وَالْخَطْفِ. عِنْدَ مُدَاهَمَةِ مَنْزِلِهِ، عُثِرَ عَلَى حَقِيبَةٍ تَحْتَوِي عَلَى مَلَابِسَ تَخُصُّ رِضَا، وَرِسَالَةَ تَهْدِيدٍ تُطَالِبُ الْعَائِلَةَ بِدَفْعِ فِدْيَةٍ ضَخْمَةٍ.
فِي الْبِدَايَةِ، حَاوَلَ حَسَنُ الْإِنْكَارَ، زَاعِمًا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا عَنِ الطِّفْلِ، لَكِنَّهُ انْهَارَ تَحْتَ الضَّغْطِ وَبَدَأَ يُفْصِحُ عَنْ تَفَاصِيلَ خَطِيرَةٍ.

اعْتَرَفَ حَسَنُ بِأَنَّ اخْتِطَافَ رِضَا كَانَ جُزْءًا مِنْ خُطَّةِ ابْتِزَازٍ اسْتَهْدَفَتْ عَائِلَةً ثَرِيَّةً تَقْطُنُ فِي مَنْطِقَةٍ مُجَاوِرَةٍ. لَكِنَّ سُوءَ التَّنْسِيقِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْعِصَابَةِ أَدَّى إِلَى خَطْفِ رِضَا بِالْخَطَأِ، بَدَلًا مِنَ الْهَدَفِ الْحَقِيقِيِّ.

حَسَنُ كَشَفَ عَنْ دَوْرِ شَرِيكِهِ الْأَسَاسِيِّ، كَامِلِ الْمَكَاوِي ، الَّذِي كَانَ الْعَقْلَ الْمُدَبِّرَ وَرَاءَ الْعَمَلِيَّةِ. كَامِلٌ هُوَ مَنْ أَرْسَلَ حَسَنَ لِتَنْفِيذِ الْجَرِيمَةِ، بَعْدَمَا خَطَّطَ لِكُلِّ شَيْءٍ بِعِنَايَةٍ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَوَقَّعْ أَنْ تَتَعَقَّدَ الْأُمُورُ بِهَذَا الشَّكْلِ.

بِنَاءً عَلَى اعْتِرَافَاتِ حَسَنِ، قَادَتِ الشُّرْطَةُ مُدَاهَمَةً دِرَامِيَّةً إِلَى مَنْزِلٍ مَهْجُورٍ فِي ضَوَاحِي الْقَاهِرَةِ. الْمَنْزِلُ كَانَ مُحَاطًا بِالظَّلَامِ وَالْهُدُوءِ، مِمَّا جَعَلَ الْعَمَلِيَّةَ أَكْثَرَ تَوَتُّرًا.
عِنْدَمَا دَاخَلَتِ الشُّرْطَةُ الْمَنْزِلَ، وَجَدُوا رِضَا مُحْتَجَزًا فِي غُرْفَةٍ صَغِيرَةٍ، مُحَاطًا بِأَلْعَابٍ مُهْتَرِئَةٍ وَمُرْتَبِطًا بِحَبْلٍ. كَانَ الطِّفْلُ فِي حَالَةِ صَدْمَةٍ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَذًى جَسَدِيٍّ.

عِنْدَمَا رَأَى رِضَا وَالِدَتَهُ فِي مَرْكَزِ الشُّرْطَةِ، رَكَضَ نَحْوَهَا بَاكِيًا، مَشْهَدًا أَبْكَى الْجَمِيعَ، بِمَا فِيهِمْ رِجَالُ الشُّرْطَةِ. اللِّقَاءُ كَانَ مَلِيئًا بِالْعَوَاطِفِ، وَتَحَوَّلَ الْحُزْنُ إِلَى فَرْحَةٍ عَارِمَةٍ بَعْدَ أَيَّامٍ مِنَ الْقَلَقِ وَالرُّعْبِ.

فِي الْمُحَاكَمَةِ الَّتِي تَبِعَتِ الْحَادِثَةَ، تَمَّ الْحُكْمُ عَلَى حَسَنَ أَبُو الْعِزِّ بِالسِّجْنِ الْمُؤَبَّدِ، بَيْنَمَا حَصَلَ كَامِلُ الْمَكَاوِي عَلَى نَفْسِ الْعُقُوبَةِ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِدَوْرِهِ فِي التَّخْطِيطِ لِلْجَرِيمَةِ.
أَمَّا سَعِيدُ الْفُولِي، فَقَدْ تَمَّ تَبْرِئَتُهُ وَإِطْلَاقُ سَرَاحِهِ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَتِ الْأَدِلَّةُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلاقَةٌ بِالْجَرِيمَةِ. خَرَجَ سَعِيدٌ لِيَشْكُرَ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى تَبْرِئَتِهِ، وَلَكِنَّهُ ظَلَّ يُعَانِي مِنْ نَظَرَاتِ الِاتِّهَامِ فِي عُيُونِ أَهْلِ الْحَيِّ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ.

الْقَضِيَّةُ أُغْلِقَتْ، وَلَكِنَّ آثَارَهَا بَقِيَتْ حَاضِرَةً فِي ذَاكِرَةِ السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ. الْجَرِيمَةُ كَانَتْ تَذْكِيرًا مَرِيرًا بِمَدَى خُطُورَةِ الطَّمَعِ وَالْجَشَعِ عِنْدَمَا يَلْتَقِيَانِ بِقُلُوبٍ لَا تَعْرِفُ الرَّحْمَةَ.

فِي زِحَامِ الْحَيَاةِ فِي السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ، يَبْقَى اخْتِطَافُ رِضَا رَمْزًا لِلْبَرَاءَةِ الَّتِي انْتَصَرَتْ عَلَى الْجَشَعِ وَالْخَوْفِ. قِصَّةٌ عَنْ الْأَمَلِ وَالْعَدَالَةِ، وَعَنْ الْأَخْطَاءِ الَّتِي قَدْ تُدَمِّرُ حَيَاةَ أَبْرِيَاءَ دُونَ قَصْدٍ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top